وفي ميدان المحطة جماهير تجري في كل اتجاه. الغضب يشتعل في الوجوه واللعنات تنصب على الإنجليز. الجو بارد والسماء متوارية خلف سحاب متجهم والهواء ساكن لا حياة فيه. الدكاكين مغلقة كالحداد وعند الآفاق تصاعد دخان كثيف ..
ماذا في القاهرة ؟!
وتقدم في حذر، وأشار إلى رجل يقترب ثم سأله:
- ماذا في البلد؟
فأجابه في ذهول:
- القيامة قامت ..
فسأله في إلحاح :
- تعني مظاهرات احتجاج ؟!
فهتف وهو يأخذ في الجري :
- أعني النار والخراب ..
وتقدم في حذر، وأشار إلى رجل يقترب ثم سأله:
- ماذا في البلد؟
فأجابه في ذهول:
- القيامة قامت ..
فسأله في إلحاح :
- تعني مظاهرات احتجاج ؟!
فهتف وهو يأخذ في الجري :
- أعني النار والخراب ..
وواصل تقدمه الحذر البطئ وهو يتفحص ما حوله. وتساءل في دهش :
< أين البوليس؟ أين الجيش؟>. وفي شارع إبراهيم تجلت حقيقة اليوم بصورة أبشع. خلا الميدان للغاضبين. انفجر مكنون اللاوعي كالبركان. صراخ جنوني كالعواء. انقضاض على أي قائم على الجانبين. بترول يراق. حرائق تشتعل. أبواب تتحطم. بضائع تنتثر. تيارات تندفع كالأمواج المتلاطمة. الجنون نفسه بلا رقيب. ها هي القاهرة تثور؛ ولكنها تثور على نفسها. إنها تصب على ذاتها ما تود أن تصبها على عدوها. إنها تنتحر. وتساءل في فزع ماذا وراء ذلك كله ؟! واستفحل نشاط غريزته التي تتنبأ بالمخاوف. وأيقن أن مأساة حقيقية سيرفع عنها ستار الغد. ثمة خطر يتهدد صميم حياتنا. يتهددنا نحن لا الإنجليز.
....
.... لعلها النهاية. وستكون نهاية مميتة لم تسبق بمثيل لها من قبل.
< أين البوليس؟ أين الجيش؟>. وفي شارع إبراهيم تجلت حقيقة اليوم بصورة أبشع. خلا الميدان للغاضبين. انفجر مكنون اللاوعي كالبركان. صراخ جنوني كالعواء. انقضاض على أي قائم على الجانبين. بترول يراق. حرائق تشتعل. أبواب تتحطم. بضائع تنتثر. تيارات تندفع كالأمواج المتلاطمة. الجنون نفسه بلا رقيب. ها هي القاهرة تثور؛ ولكنها تثور على نفسها. إنها تصب على ذاتها ما تود أن تصبها على عدوها. إنها تنتحر. وتساءل في فزع ماذا وراء ذلك كله ؟! واستفحل نشاط غريزته التي تتنبأ بالمخاوف. وأيقن أن مأساة حقيقية سيرفع عنها ستار الغد. ثمة خطر يتهدد صميم حياتنا. يتهددنا نحن لا الإنجليز.
....
.... لعلها النهاية. وستكون نهاية مميتة لم تسبق بمثيل لها من قبل.
ومضى يقترب من قلب المدينة في ذهول تام. صمم على أن يطلع على كل شئ. إنه مسئول، ومهما يكن من ثانوية مركزه نسبياً فهو مسئول، ويجب أن يرى كل شئ بعينه. الضوضاء فوق كل احتمال كأن كل ذرة في الأرض تصرخ. اللهيب ينطلق من كل موقع. إنه يرقص في النوافذ، يقعقع في الأسقف، يصفر في الجدران، يطير في الجو والدخان يتربع مكان السماء.
رائحة الحريق تقتحم الأنوف كعصارة جهنمية من الخشب والأقمشة وزيوت شتى. هتافات غامضة كأنما تنبثق من الدخان، غلمان يخربون كل شئ في نشوة وبلا مبالاة.
رائحة الحريق تقتحم الأنوف كعصارة جهنمية من الخشب والأقمشة وزيوت شتى. هتافات غامضة كأنما تنبثق من الدخان، غلمان يخربون كل شئ في نشوة وبلا مبالاة.
جدران تنفجر مفجرة رعداً. الغضب المكتوم، اليأس المضغوط، الضيق المتكتل، كل أولئك حطم القمقم وانطلق كزوبعة من الشياطين. وقال لنفسه إن أشياء كثيرة يجب أن تحرق ولكن ليست القاهرة. أنتم لا تدرون ماذا تفعلون. إن فرقة كاملة من الإنجليز لتعجز عن إحداث عُشر هذا الخراب، انتهت معركة القنال. خسرنا المعركة. قلبي المجرب بالمحن لا يكذب. الحكومة بلا جنود والنار تجري بلا عقبة. هل تلتهم النيران المدينة الكبرى؟. هل يمسي ثلاثة ملايين من البشر بلا مأوى؟. هل ينعق الخراب والمرض والفوضى ويرجع الجيش البريطاني ليعيد الأمن إلى نصابه؟. هل ينسى الناس في محنة الخراب الاستقلال والوطنية والآمال العريضة!. إن القلق يدب في جذور قلبه كالنمل وتسوَدّ الدنيا في عينيه اللتين زايلهما الطموح والمجد.
وعند الأركان في الشوارع الرئيسية لبد رجال يحرضون:
- احرق .. خرب .. يحيا الوطن ..
تفحصهم باهتمام وحنق. ود لو يستطيع أن يقنعهم. ولم يمكنه التيار المتضارب من الوقوف قبالتهم لحظة. إنهم وجوه غريبة لا هي من حزبه ولا من الأحزاب الأُخر. إنها وجوه غريبة تفوح منها رائحة الغدر، وخيل إليه أن في الجو رائحة عفنة أشد كآبة من الدخان، وزفر مع اليأس والذهول غضبا :
- احرق .. خرب .. يحيا الوطن ..
يا للأوغاد!. هل تذهب دماء القنال هدراً؟ وأرواح جنود البوليس وضباطهم؟. إن كل ما هو قيم وجميل يبدو أنه سيصير هباء. كيف السبيل إلى الوزارة ليقابل المسؤولين؟. ليس في الطرقات إلا حطام سيارات، ليس في الجو إلا حمرة قانية تحتدم تحت سواد. ماذا يقول للفداشي الغاضب لقلة السلاح إذا اطلع على هذا المشهد الغادر الدامي؟. ما عسى أن يقول لو سمع نداء المؤامرة؟
- احرق .. خرب .. يحيا الوطن ..
النار والخراب والدخان شعارات اليوم الفظيعة، ولكن الخيانة اللابدة في الأركان أفظع.
- احرق .. خرب .. يحيا الوطن ..
تفحصهم باهتمام وحنق. ود لو يستطيع أن يقنعهم. ولم يمكنه التيار المتضارب من الوقوف قبالتهم لحظة. إنهم وجوه غريبة لا هي من حزبه ولا من الأحزاب الأُخر. إنها وجوه غريبة تفوح منها رائحة الغدر، وخيل إليه أن في الجو رائحة عفنة أشد كآبة من الدخان، وزفر مع اليأس والذهول غضبا :
- احرق .. خرب .. يحيا الوطن ..
يا للأوغاد!. هل تذهب دماء القنال هدراً؟ وأرواح جنود البوليس وضباطهم؟. إن كل ما هو قيم وجميل يبدو أنه سيصير هباء. كيف السبيل إلى الوزارة ليقابل المسؤولين؟. ليس في الطرقات إلا حطام سيارات، ليس في الجو إلا حمرة قانية تحتدم تحت سواد. ماذا يقول للفداشي الغاضب لقلة السلاح إذا اطلع على هذا المشهد الغادر الدامي؟. ما عسى أن يقول لو سمع نداء المؤامرة؟
- احرق .. خرب .. يحيا الوطن ..
النار والخراب والدخان شعارات اليوم الفظيعة، ولكن الخيانة اللابدة في الأركان أفظع.
السمّان والخريف
نجيب محفوظ
ايوه يادرش قريتها زمان قوي
في زمن كان التسليه الوحيده
لاصحاب العقول القراءه
فكرتني لما كنا بنتسابق انا واصحابي مين يخلص الكتاب الاول
ونتناقش فيه
اللي اعرفه ان الانسان الوطني لايمكن يحرق بلده
زي حريق القاهره والانتفاضه اللي سموها انتفاضة الحرميه اللي البوليس اندس بين المتظاهرين وخرب الدنيا وبعد كده قالوا دول العيال بتوع الجامعه اللي عملوها لما تعيش الحدث غير ما تسمع عنه
وزي ما المصري لا يمكن يحرق بلده .. لا يمكن يفرح لو حرقوها .. لأنها بلده
ولا ايه؟
المصريين نصهم عايشين فى ظروف قاربت على التسول... المرتبات الحكومية-يامصطفى-لاتدعو الى طلب الرشوة فقط بل تحث على الرذيلة...الناس مش لاقية تاكل عيش حاف ...الناس بتموت للحصول على رغيف............................. فلما يجدوا المجلس الذى يضم صاحب العبارة الهارب وابواق دعاية تعين رؤساء تحرير وحاشية السلطة وخدمها وناهبى البنوك ومزورى الانتخابات وسارقوا ارضى الدولة .......الخ بالاختصار معظم رموز الفساد اعضاء فى مجلسين جائا بالتزوير ليتمكنوا من مزيد من النهب باستعمال الحصانة...فأن البسطاء يشمتون فى احتراق رمز جليل افرغ من مضمونة وتحول الى مكلمة لسلق وتقطيع ووضع البشامل على وجة القوانين لاخفاء قبحها وعوارها وتفصيلها لمقاس اكابر اللصوص فلا شك ان هؤلاء البسطاء-سيشمتون فى الرمز لعجزهم عن الاعتراض على كل هؤلاء المزورين بامتياز...والقاعدين على قلبها لطالون. وربنا يستر على البلد
واحد كل يوم ييجي واحد بلطجي ياخد منه فلوسه
جه يوم البلطجي أخد منه فلوسه .. ولع في بيته (اللي كان برضه مبيخليهوش يدخله) وخلاه يصلح البيت على حسابه .. ينفع يشمت؟؟!!
هيشمت في نفسه يعني؟؟!!
مش برضه انت اتفرجت زينا علي الحريقه في التلفزيون
وبرضه شفت زينا ان الناس كانت واقفه
شكلها ازاي
انا بقه شفت الناس ايام حريق الاوبرا
كانوا بيعيطوا
وبيساعدوا المطافي وكان الحزن فعلا مخيم علي الناس تقدر تقول لي ايه الفرق
انت عارف بس مش مصدق نفسك
انا كمان مش مصدقه
بس ده الواقع
وقله قليله كمان
استغلت الموقف وتحرشت بالاعلاميات
يعني اصلا مش في دمغهم
حاجات كتير اتغيرت في السلوك الانساني
للمصريين للآسف يادرش
صحيح يا مصطفى مينفعش المصري يحرق بلده والمفروض أنه ميفرحش لو اتحرقت ..
ولكن ألي حصل أن الناس فرحت بالفعل ،أنا كنت ماشية متعجبة الكل مبسوط في الحكومة وبيقول مبروك ألي زعلان زعلان علشان الحكومة مكنتش في المجلس ساعة الحريق،او بيتمنى لقصر العروبه نفس المصير..
الحقيقة إني مكنتش فاهمه أزاي ده يحصل..
ولكن في مقاله عجبتني جدًا لعلاء الأسواني
كان بيتكلم بالفعل عن أن الناس البسيطة مش شايفه من مجلس الشورى غير أنه بتاع الحكومة هو مكان يمثل لهم القهر الحكومي الذي يعيشوه لن يفكروا في قيمته او انه بتاعنا في الاساس وان الحكومة رايحه رايحه ولكن البلد باقيه.. هما محللوهاش كده .. لا
الجمله ألي عجبتني بقى أن لو الحريقة دي كانت في مجمع سكني الناس متعرفش حتى مين ساكنيه كانوا هيجروا ويساعدوا وينقذوا ويطفوا لانهم شاعرين ان ده خاص بيهم وان دول شعب غلبان زيهم..
المصريون مفرحوش في الحريق لانهم بيكرهوا البلد هما فقط اختلطت عليهم الامور من شدة القهر ففرقوا بين ألي للحكومة وألي ليهم وقرروا يشمتوا في الحكومة .