TAFATEFO

هل حدث أن تحرك موظف أو موظفة وتقدم واضعاً بيع ذمته كهدف؟ على الإطلاق لم يحدث شيء من هذا. إنه دائماً يتحرك موهماً نفسه مؤكداً ومقسماً ومؤمناً إيماناً لا يتزعزع أنه إذ يتحرك فإنما ليؤدي واجبه فقط .. لينجز عمله.

عسكري المرور الذي يقبل القروش العشرة حتى لا يحرر لك محضراً يوهم نفسه، بأدلة يصنعها أو يصطنعها، أنك فعلاً لا تستحق المحضر، وأنّه بإلغائه إنما يؤدي واجبه الذي يمليه عليه ضميره. وما العشرة قروش سوى مبلغ تطوعت أنت بدفعه سذاجة وعبطاً، إذ كان هو على أي الحالات لم يكن ينوي تحرير محضر.

كذلك الوزير الذي يقبل دعوتك وهو عالم أنك في حاجة غداً لتوقيعه، يقبلها وهو قد انتوى نية خالصة مخلصة أنه وإن كان قد قبل، إلا أنه لن يوافق غداً ويوقع إلا إذا كنت فعلاً قد استوفيت شروط الموافقة. وحين يأتي الغد وتعرض أوراقك مع أوراق الآخرين ويجد أنك مثلهم مستوفياً للشروط أو معظمها، يؤكد لنفسه أن اختياره لك دوناً عن الباقين لن يخلو من حكمة، إذ هو يعرفك حق المعرفة ويعرف أنك لن تخدع الحكومة ولن تسف أموالها، بينما هو لا يعرف الآخرين ولا يضمنهم. حينئذ ولأجل المصلحة العليا وحدها يؤشر على ورقك بالموافقة وعلى الآخرين بالحفظ، مؤمناً أشد الإيمان أنه بها العمل قد أدى أكبر الخدمات وأجلها للبلاد وللوطن.


يوسف إدريس
"العيب"
TAFATEFO

كيف تستطيع المشاعر الصادقة أن تعبر حاجز اللغة؟