(شركة التعهدات والتوريدات المتحدة. قاعة لها عدة أبواب، وبها عدة
مكاتب يجلس إلى أحدها الكاتب "عبدالموجود أفندي" .. وإلى مكتب
آخر يجلس "عبدالتواب أفندي" .. وهناك مكتب ثالث موضوع فوق
ملفاته طربوش صاحبه الغائب ...)
عبدالموجود : (يملي من سجل) قيد عنك يا سيدي الوزن ألف طن ...
عبدالتــواب : (يكتب) الوزن ... ألف ... طن ...
(يلتفت إلى زميله) قل لي يا "عبدالموجود أفندي"!! ...
عبدالموجود : (يرفع عينيه عن السجل) نعم؟ ...
عبدالتــواب : البضاعة!! ..
عبدالموجود : مالها البضاعة؟ ..
عبدالتــواب : عاينتها؟ ..
عبدالموجود : (يشير إلى المكتب الذي فوقه الطربوش) "عاشور أفندي" قال إنه عاينها ..
عبدالتــواب : وقال إنها كلها "صاغ" سليمة؟! ...
عبدالموجود : سبحان الله في طبعك يا سي عبدالتواب! ...
عبدالتــواب : أنا ... كل غرضي ان المسألة تبقى مستورة ...
عبدالموجود : مستورة بإذن الله ... "جمد قلبك" ...
عبدالتــواب : كلامي له أصل ... وأنت فاهم ...
عبدالموجود : فاهم .. فاهم .. اكتب يا اخي .. دعنا ننتهي الليلة من تحرير هذا "الكشف" (ينظر في ساعته) الساعة الآن التاسعة .. وأنت عارف أنه ينتظرني بعد قليل موعد طرب في "الصالة" إياها ...
عبدالتــواب : لو كانت الشركة تلطف قليلاً من نسبة الفاسد في بضاعتها؟! ...
عبدالموجود : أتشفق على الحكومة؟! ...
عبدالتــواب : بل أشفق على نفسي ... وعليك .. علينا نحن كلنا الذين نستلم البضاعة باسم الحكومة، ونقر بأنها في حالة جيدة، ونوقع على ذلك بإمضاءاتنا ...
عبدالموجود : إمضاءاتنا ليست وحدها .. يا سيدي الفاضل ... أنسيت أنها متوجة بإمضاءات الوكيل والمدير والمراقب والسكرتير العام؟ ... و ... و ... إلى آخره .. إلى آخره ..
عبدالتــواب : ولو فرضنا أن مدير الإدارة العام خطر له ذات يوم أن يحضر بنفسه عملية الاستلام؟ ...
عبدالموجود : هذه العملية الطويلة العريضة! ... أهذا معقول؟ ... المدير دائماً عنده صداع ... ودائماً عنده لجنة ... وهو دائماً يكتفي بالنظر إلى إمضاء الوكيل .. فإذا رآها موجودة أمضى بجوارها بكل اطمئنان ...
عبدالتــواب : والوكيل؟ ... افرض أنه حضر يستلم؟ ...
عبدالموجود : أهذا معقول؟ ... هذا الوكيل "القرفان" دائماً ... المشغول بأخبار الترقيات، الساخط دائماً على المحسوبيات، التي جعلت كل من هب ودب يتخطاه ... أيمكن أن يستلم إذا كان مزاجه رائقاً، بغير الطريقة المعروفة؟ يطلب "ششني" فنسرع نحن ونقدم إليه "العينة" التي أعدتها الشركة لنا من أجود نوع .. فيلقي عليها نظرة عابرة. وينكب على الأوراق يوقع بالاستلام وهو ينفخ دخان سيجارته بضيق وملل، ويلقي في وجوهنا بالورق الممضي، وكأنه يقول: داهية لا ترجعكم أنتم والإدارة والبضاعة! ...
عبدالتــواب : واللجنة الأخيرة؟ ...
عبدالموجود : تقصد اللجنة التي شكلت للاستلام في الشهر الماضي؟ .. وشربوا القهوة، ودخنوا السجاير، وتحدثوا في آخر أخبار الصحف ... وجاء لهم "عاشور أفندي" بـ "العينة" إياها ... وقال لهم: "المخازن كلها تراب يخشى منه على الثياب" فقال بعض الأعضاء: "كل شئ إلا الثياب غالية في هذه الأيام" ... ونظر البعض الآخر في ساعاتهم ... ثم أقبلوا على "العينة" ففحصوها بسرعة وانتهوا جميعاً إلى أن البضاعة جيدة، وحرروا المحضر بذلك وأمضوه وانفضت اللجنة قبل انصراف الدواوين ...
عبدالتــواب : كلامك مطمئن يا "عبدالموجود أفندي"! ...
عبدالموجود : اكتب ... اكتب ... خلصنا من هذا الكشف .. لنصدره من هنا الليلة، ونستلمه غداً في الديوان ...
عبدالتــواب : ولماذا هذه السرعة؟! ... ضروري من تصديره الليلة؟ ..
عبدالموجود : ضروري ... اكتب ... الوزن ألف! ...
عبدالتــواب : بمناسبة الوزن ... هات سيجارة لوزن دماغي أولاً ...
عبدالموجود : لا يا سيدي ... لا يا حبيبي ... ليس عندنا وقت للكيف والمزاج واللعب والكسل ... نحن لسنا في مكاتبنا الحكومية ... نحن هنا في مكاتب الشركة! ...
عبدالتــواب : (يذعن وينحني على الورق) أمرك ... الوزن ألف طن!! ...
عبدالتــواب : (يكتب) الوزن ... ألف ... طن ...
(يلتفت إلى زميله) قل لي يا "عبدالموجود أفندي"!! ...
عبدالموجود : (يرفع عينيه عن السجل) نعم؟ ...
عبدالتــواب : البضاعة!! ..
عبدالموجود : مالها البضاعة؟ ..
عبدالتــواب : عاينتها؟ ..
عبدالموجود : (يشير إلى المكتب الذي فوقه الطربوش) "عاشور أفندي" قال إنه عاينها ..
عبدالتــواب : وقال إنها كلها "صاغ" سليمة؟! ...
عبدالموجود : سبحان الله في طبعك يا سي عبدالتواب! ...
عبدالتــواب : أنا ... كل غرضي ان المسألة تبقى مستورة ...
عبدالموجود : مستورة بإذن الله ... "جمد قلبك" ...
عبدالتــواب : كلامي له أصل ... وأنت فاهم ...
عبدالموجود : فاهم .. فاهم .. اكتب يا اخي .. دعنا ننتهي الليلة من تحرير هذا "الكشف" (ينظر في ساعته) الساعة الآن التاسعة .. وأنت عارف أنه ينتظرني بعد قليل موعد طرب في "الصالة" إياها ...
عبدالتــواب : لو كانت الشركة تلطف قليلاً من نسبة الفاسد في بضاعتها؟! ...
عبدالموجود : أتشفق على الحكومة؟! ...
عبدالتــواب : بل أشفق على نفسي ... وعليك .. علينا نحن كلنا الذين نستلم البضاعة باسم الحكومة، ونقر بأنها في حالة جيدة، ونوقع على ذلك بإمضاءاتنا ...
عبدالموجود : إمضاءاتنا ليست وحدها .. يا سيدي الفاضل ... أنسيت أنها متوجة بإمضاءات الوكيل والمدير والمراقب والسكرتير العام؟ ... و ... و ... إلى آخره .. إلى آخره ..
عبدالتــواب : ولو فرضنا أن مدير الإدارة العام خطر له ذات يوم أن يحضر بنفسه عملية الاستلام؟ ...
عبدالموجود : هذه العملية الطويلة العريضة! ... أهذا معقول؟ ... المدير دائماً عنده صداع ... ودائماً عنده لجنة ... وهو دائماً يكتفي بالنظر إلى إمضاء الوكيل .. فإذا رآها موجودة أمضى بجوارها بكل اطمئنان ...
عبدالتــواب : والوكيل؟ ... افرض أنه حضر يستلم؟ ...
عبدالموجود : أهذا معقول؟ ... هذا الوكيل "القرفان" دائماً ... المشغول بأخبار الترقيات، الساخط دائماً على المحسوبيات، التي جعلت كل من هب ودب يتخطاه ... أيمكن أن يستلم إذا كان مزاجه رائقاً، بغير الطريقة المعروفة؟ يطلب "ششني" فنسرع نحن ونقدم إليه "العينة" التي أعدتها الشركة لنا من أجود نوع .. فيلقي عليها نظرة عابرة. وينكب على الأوراق يوقع بالاستلام وهو ينفخ دخان سيجارته بضيق وملل، ويلقي في وجوهنا بالورق الممضي، وكأنه يقول: داهية لا ترجعكم أنتم والإدارة والبضاعة! ...
عبدالتــواب : واللجنة الأخيرة؟ ...
عبدالموجود : تقصد اللجنة التي شكلت للاستلام في الشهر الماضي؟ .. وشربوا القهوة، ودخنوا السجاير، وتحدثوا في آخر أخبار الصحف ... وجاء لهم "عاشور أفندي" بـ "العينة" إياها ... وقال لهم: "المخازن كلها تراب يخشى منه على الثياب" فقال بعض الأعضاء: "كل شئ إلا الثياب غالية في هذه الأيام" ... ونظر البعض الآخر في ساعاتهم ... ثم أقبلوا على "العينة" ففحصوها بسرعة وانتهوا جميعاً إلى أن البضاعة جيدة، وحرروا المحضر بذلك وأمضوه وانفضت اللجنة قبل انصراف الدواوين ...
عبدالتــواب : كلامك مطمئن يا "عبدالموجود أفندي"! ...
عبدالموجود : اكتب ... اكتب ... خلصنا من هذا الكشف .. لنصدره من هنا الليلة، ونستلمه غداً في الديوان ...
عبدالتــواب : ولماذا هذه السرعة؟! ... ضروري من تصديره الليلة؟ ..
عبدالموجود : ضروري ... اكتب ... الوزن ألف! ...
عبدالتــواب : بمناسبة الوزن ... هات سيجارة لوزن دماغي أولاً ...
عبدالموجود : لا يا سيدي ... لا يا حبيبي ... ليس عندنا وقت للكيف والمزاج واللعب والكسل ... نحن لسنا في مكاتبنا الحكومية ... نحن هنا في مكاتب الشركة! ...
عبدالتــواب : (يذعن وينحني على الورق) أمرك ... الوزن ألف طن!! ...
توفيق الحكيم
من "أعمال حرة"
ههههههه
صحيح ساعات بيحصل العن من كده
ياخبر أبيض
لأ ده مش أبيض خااااااااالص
وبيحصل انيل ومفيش مراعاه لحاجه ولا بيعملوا حساب ربنا ولا اى ضمير وكله بقى بيقلب فى كله
أرجو منك ومن جميع زوار مدونتك أن يقرأوا يوميات عانس:
http://yawmiyat3aness.blogspot.com/
@ مهندس مصري
ساعات؟! ده الكلام ده مكتوب من 30 سنه على الأقل .. ده للي بيحصل دلوقتي صلاح وتقوى
@ esraa
هو ايه اللي مش أبيض؟
@ Appy
في و في
@ abeer Soliman
اهي؟! امال!! دا أنا متابعها من قبل ما تكتبي فيها :D
نار على علم يا فندم