TAFATEFO
يعيش أهل بلدي
و بينهم مافيش
تعارف يخلي التحالف يعيــش
تعيش كل طايفة
من الثانية خايفة
و تنزل ستاير بداير و شيــــش
لكن ف الموالد
ياشعبي يا خالد
بنتلم صحبة
و نهتف يعيش
يعيش أهل بلدي
يعيش المثقف على مقهى ريش
يعيش يعيش يعيش
محفلط مزفلط
كثير الكلام
عديم الممارسة
عدو الزحام
بكام كلمة فاضية
و كام اصطلاح
يفبرك حلول المشاكل قـــوام
يعيش المثقف
يعيش يعيش يعيش
يعيش أهل بلدي
يعيش التنابلة ف حي الزمالك
و حي الزمالك
مسالك مسالك
تحاول تفكر
تهوب هنالك
تودر حياتك
بلاش المهالك
لذلك
إذا عزت توصف حياتهم
تقول الحياة عندنا مش كذلك
وممكن تشوفهم
فـ وسط المدينة
اذا مر جنبك اوتومبيل سفينــة
قفاهم عجينة
كروشهم سمينة
جلودهم بتضوي
دماغهم تخينة
سنانهم مبارد
تفوت فـ الجليد
مفيش سخن بارد
بياكلوا الحديد
مدام نهر وارد
و جي م الصعيد
تزيد الموارد
كروشهم تزيد
و تسمع و تسلم
بأن التنابلة أو الأكالين
حيسمح كبيرهم
و يعمل مقابلة مع الفلاحين
و يحصل تحالف ما بين الجميع
و نملا المصارف بدم القطيع
أطيع الخليفة
أطيع والديك
أطيع التنابلة
دا مفروض عليك
و تزرع و تبعت لحي الزمالك
و حي الزمالك
مسالك مسالك
تحاول تفكر تهوب هنالك
تودر حياتك
بلاش المهالك
لذلك
إذا حد جاب لك سيرتهم
تبسمل تكبر
و تهتف كذلك
يعيش التنابلة
يعش يعيش يعش
يعيش أهل بلدي
يعيش الغلابة في طي النجوع
نهارهم سحابة
و ليلهم دموع
سواعد هزيلة
لكن فيها حيلة
تبدر تخدر جفاف الربوع
مكن شغل كايرو
ما يتبعش دايروه
لا ياكل و لا حتى يقدر يجوع
يا غلبان بلدنا
يا فلاح يا صاتع
يا شحم السواقي
يا فحم المصانع
يا منتج يامبهج
يا آخر حلاوة
يا هادي .. يا راضي
ياعاقل .. يا قانع
ما تتعبش نفسك
ف شغل السياسة
و شوف انت شغلك
بهمة و حماسة
و عود عيالك فضيلة الرضا
لأن احنا طبعا عبيد القضا
و رزقك ورزقي و رزق الكلاب
دا موضوع مؤجل ليوم الحساب
كمان الصحافة حتكتب ف حالتك
و تنشر مناظر لخالك و خالتك
و تطلع يا مسعد عليك الغناوي
و تسمع باسمك ف قلب الرداوي
تحبك مشيرة و بنات الجزيرة
و قصة غرامك تشيع ف الرداوي
يعيش عم مسعد
يعيش يعيش يعيش
يعيش أهل بلدي
أحمد فؤاد نجم
TAFATEFO
ها هم الناس قد عادوا إلى ما كانوا عليه، وها هي الأرض قد ملئت شروراً وفساداً، حتى لم يبق فيها بقعة طاهرة، يستطيع أن يأوي إليها ملك من أملاك السماء.
ها هم الأقوياء قد ازدادوا قوة، والضعفاء قد ازدادوا ضعفاً، وها هي لحوم الفقراء تنحدر في بطون الأغنياء انحداراً، فلا الأولون بمستمسكين، ولا الآخرون بقانعين.
ها هم الفقراء يموتون جوعاً، فلا يجدون من يحسن إليهم. والمنكوبون يموتون كمداً؛ فلا يجدون من يعينهم على همومهم وأحزانهم.
ها هم الأمراء قد خانوا عهد الله وخفروا ذمامه؛ فأغمدوا السيوف التي وضعها الله في أيديهم لإقامة العدل والحق، وتقلدوا سيوفاً غيرها، لا هي إلى الشريعة، ولا إلى الطبيعة، ومشوا بها يفتتحون لأنفسهم طريق شهواتهم ولذائذهم حتى ينالوا منها ما يريدون.
ها هم القضاة قد طمعوا وظلموا، ووضعوا القانون ترساً أمام أعينهم يصيبون من ورائه، ولا يصابون، وينالون من يشاؤون تحت حمايته، ولا يُنالون.
ها هم زعماء الدين قد أصبحوا زعماء الدنيا، فحوّلوا معابدهم إلى مغاور لصوص يجمعون فيها ما يسرقون من أموال العباد، ثم يضنّون بالقليل منه على الفقراء والمساكين.
ها هم الناس جميعاً قد أصبحوا أعواناً للأمراء على شهواتهم، والقضاة على ظلمهم، وزعماء الأديان على لصوصيتهم، فلتسقط عليهم جميعاً نقمة الله ملوكاً ومملوكين ورؤساء ومرؤوسين.
لتسقط العروش، ولتهدم المعابد، ولتتقوض المحاكم، وليعم الخراب المدن والأمصار، والسهول والأوعار، والنجاد والأغوار، ولتغرق الأرض في بحر من الدماء يهلك فيه الرجال والنساء، والشيوخ والأطفال، والأخيار والأشرار، والمجرمون والأبرياء، وما ظلمهم الله، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
ها هم الأقوياء قد ازدادوا قوة، والضعفاء قد ازدادوا ضعفاً، وها هي لحوم الفقراء تنحدر في بطون الأغنياء انحداراً، فلا الأولون بمستمسكين، ولا الآخرون بقانعين.
ها هم الفقراء يموتون جوعاً، فلا يجدون من يحسن إليهم. والمنكوبون يموتون كمداً؛ فلا يجدون من يعينهم على همومهم وأحزانهم.
ها هم الأمراء قد خانوا عهد الله وخفروا ذمامه؛ فأغمدوا السيوف التي وضعها الله في أيديهم لإقامة العدل والحق، وتقلدوا سيوفاً غيرها، لا هي إلى الشريعة، ولا إلى الطبيعة، ومشوا بها يفتتحون لأنفسهم طريق شهواتهم ولذائذهم حتى ينالوا منها ما يريدون.
ها هم القضاة قد طمعوا وظلموا، ووضعوا القانون ترساً أمام أعينهم يصيبون من ورائه، ولا يصابون، وينالون من يشاؤون تحت حمايته، ولا يُنالون.
ها هم زعماء الدين قد أصبحوا زعماء الدنيا، فحوّلوا معابدهم إلى مغاور لصوص يجمعون فيها ما يسرقون من أموال العباد، ثم يضنّون بالقليل منه على الفقراء والمساكين.
ها هم الناس جميعاً قد أصبحوا أعواناً للأمراء على شهواتهم، والقضاة على ظلمهم، وزعماء الأديان على لصوصيتهم، فلتسقط عليهم جميعاً نقمة الله ملوكاً ومملوكين ورؤساء ومرؤوسين.
لتسقط العروش، ولتهدم المعابد، ولتتقوض المحاكم، وليعم الخراب المدن والأمصار، والسهول والأوعار، والنجاد والأغوار، ولتغرق الأرض في بحر من الدماء يهلك فيه الرجال والنساء، والشيوخ والأطفال، والأخيار والأشرار، والمجرمون والأبرياء، وما ظلمهم الله، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
المنفلوطي
"العقاب"
TAFATEFO
عباد الله، من يدلني على ولدي، أو ينشده لي في معالم الأرض ومجاهلها؛ فقد أضللته منذ عهد بعيد، فحار بي الدهر من بعده، فلا أنا سالية عنه ولا واجدة إليه سبيلاً، فاحتسبوها يدًا عند الله وحدثوني عنه هل عاد معكم، أو تخلف عنكم ليأتي على إثركم، أو انقطع الدهر به فلا أمل فيه بعد اليوم؟
في أي بطن من بطون الأرض مضجعك يا بنيّ، وتحت أي نجم من نجوم السماء مصرعك، وفي أي قاع من قيعان البحر مثواك، وفي أي جوف من أجواف الوحوش الضارية مأواك؟
لو يعلم الطير الذي مزق جثتك، أو الوحش الذي ولغ دمك، أو القبر الذي ضمك إلى أحشائه، أو البحر الذي طواك في جوفه، أنّ وراءك أمّاً مسكينة تبكي عليك من بعدك لرحموك من أجلي.
عد إليّ يا بني فقيراً أو مقعداً أو كفيفاً؛ فحسبي منك أن أراك بجانبي في الساعة التي أفارق فيها هذه الحياة؛ لأقبلك قبلة الوداع وأعهد إليك بزيارة مضجعي مطلع كل شمس ومغربها لتخف بزورتك عني ضمة القبر، وتستنير بوجهك الوضاء ظلماته الحالكة!
ما أسعد الأمهات اللواتي يسبقن أولادهن إلى القبور، وما أشقى الأمهات اللواتي يسبقهن أولادهن إليها، وأشقى منهن تلك الأم المسكينة التي تدب إلى الموت دبيباً وهي لا تعلم: هل تركت ولدها وراءها، أو أنها ستجده أمامها؟
في أي بطن من بطون الأرض مضجعك يا بنيّ، وتحت أي نجم من نجوم السماء مصرعك، وفي أي قاع من قيعان البحر مثواك، وفي أي جوف من أجواف الوحوش الضارية مأواك؟
لو يعلم الطير الذي مزق جثتك، أو الوحش الذي ولغ دمك، أو القبر الذي ضمك إلى أحشائه، أو البحر الذي طواك في جوفه، أنّ وراءك أمّاً مسكينة تبكي عليك من بعدك لرحموك من أجلي.
عد إليّ يا بني فقيراً أو مقعداً أو كفيفاً؛ فحسبي منك أن أراك بجانبي في الساعة التي أفارق فيها هذه الحياة؛ لأقبلك قبلة الوداع وأعهد إليك بزيارة مضجعي مطلع كل شمس ومغربها لتخف بزورتك عني ضمة القبر، وتستنير بوجهك الوضاء ظلماته الحالكة!
ما أسعد الأمهات اللواتي يسبقن أولادهن إلى القبور، وما أشقى الأمهات اللواتي يسبقهن أولادهن إليها، وأشقى منهن تلك الأم المسكينة التي تدب إلى الموت دبيباً وهي لا تعلم: هل تركت ولدها وراءها، أو أنها ستجده أمامها؟
المنفلوطي
" الشهداء "
TAFATEFO
اللهم إنك تعلم أني غريب في هذه الدنيا لا سند لي فيها ولا عضد، وأني فقير لا أملك من متاع الحياة ما أعود به على نفسي، وأني عاجز مستضعف لا أعرف السبيل إلى باب من أبواب الرزق بوجه ولا حيلة، وأن الضربة التي أصابت قلبي قد سحقته سحقاً فلم يبق فيه حتى الذّماء. وإني أستحييك أن أمد يدي إلى هذه النفس التي أودعتها بيدك بين جنبي فأنتزعها من مكانها وألقي بها في وجهك ساخطاً ناقماً، فتول أنت أمرها بيدك، واسترد وديعتك إليك، وانقلها إلى دار كرامتك، فنعم الدار دارك، ونعم الجوار جوارك.
المنفلوطي
"اليتيم"
TAFATEFO
(شركة التعهدات والتوريدات المتحدة. قاعة لها عدة أبواب، وبها عدة
مكاتب يجلس إلى أحدها الكاتب "عبدالموجود أفندي" .. وإلى مكتب
آخر يجلس "عبدالتواب أفندي" .. وهناك مكتب ثالث موضوع فوق
ملفاته طربوش صاحبه الغائب ...)
عبدالموجود : (يملي من سجل) قيد عنك يا سيدي الوزن ألف طن ...
عبدالتــواب : (يكتب) الوزن ... ألف ... طن ...
(يلتفت إلى زميله) قل لي يا "عبدالموجود أفندي"!! ...
عبدالموجود : (يرفع عينيه عن السجل) نعم؟ ...
عبدالتــواب : البضاعة!! ..
عبدالموجود : مالها البضاعة؟ ..
عبدالتــواب : عاينتها؟ ..
عبدالموجود : (يشير إلى المكتب الذي فوقه الطربوش) "عاشور أفندي" قال إنه عاينها ..
عبدالتــواب : وقال إنها كلها "صاغ" سليمة؟! ...
عبدالموجود : سبحان الله في طبعك يا سي عبدالتواب! ...
عبدالتــواب : أنا ... كل غرضي ان المسألة تبقى مستورة ...
عبدالموجود : مستورة بإذن الله ... "جمد قلبك" ...
عبدالتــواب : كلامي له أصل ... وأنت فاهم ...
عبدالموجود : فاهم .. فاهم .. اكتب يا اخي .. دعنا ننتهي الليلة من تحرير هذا "الكشف" (ينظر في ساعته) الساعة الآن التاسعة .. وأنت عارف أنه ينتظرني بعد قليل موعد طرب في "الصالة" إياها ...
عبدالتــواب : لو كانت الشركة تلطف قليلاً من نسبة الفاسد في بضاعتها؟! ...
عبدالموجود : أتشفق على الحكومة؟! ...
عبدالتــواب : بل أشفق على نفسي ... وعليك .. علينا نحن كلنا الذين نستلم البضاعة باسم الحكومة، ونقر بأنها في حالة جيدة، ونوقع على ذلك بإمضاءاتنا ...
عبدالموجود : إمضاءاتنا ليست وحدها .. يا سيدي الفاضل ... أنسيت أنها متوجة بإمضاءات الوكيل والمدير والمراقب والسكرتير العام؟ ... و ... و ... إلى آخره .. إلى آخره ..
عبدالتــواب : ولو فرضنا أن مدير الإدارة العام خطر له ذات يوم أن يحضر بنفسه عملية الاستلام؟ ...
عبدالموجود : هذه العملية الطويلة العريضة! ... أهذا معقول؟ ... المدير دائماً عنده صداع ... ودائماً عنده لجنة ... وهو دائماً يكتفي بالنظر إلى إمضاء الوكيل .. فإذا رآها موجودة أمضى بجوارها بكل اطمئنان ...
عبدالتــواب : والوكيل؟ ... افرض أنه حضر يستلم؟ ...
عبدالموجود : أهذا معقول؟ ... هذا الوكيل "القرفان" دائماً ... المشغول بأخبار الترقيات، الساخط دائماً على المحسوبيات، التي جعلت كل من هب ودب يتخطاه ... أيمكن أن يستلم إذا كان مزاجه رائقاً، بغير الطريقة المعروفة؟ يطلب "ششني" فنسرع نحن ونقدم إليه "العينة" التي أعدتها الشركة لنا من أجود نوع .. فيلقي عليها نظرة عابرة. وينكب على الأوراق يوقع بالاستلام وهو ينفخ دخان سيجارته بضيق وملل، ويلقي في وجوهنا بالورق الممضي، وكأنه يقول: داهية لا ترجعكم أنتم والإدارة والبضاعة! ...
عبدالتــواب : واللجنة الأخيرة؟ ...
عبدالموجود : تقصد اللجنة التي شكلت للاستلام في الشهر الماضي؟ .. وشربوا القهوة، ودخنوا السجاير، وتحدثوا في آخر أخبار الصحف ... وجاء لهم "عاشور أفندي" بـ "العينة" إياها ... وقال لهم: "المخازن كلها تراب يخشى منه على الثياب" فقال بعض الأعضاء: "كل شئ إلا الثياب غالية في هذه الأيام" ... ونظر البعض الآخر في ساعاتهم ... ثم أقبلوا على "العينة" ففحصوها بسرعة وانتهوا جميعاً إلى أن البضاعة جيدة، وحرروا المحضر بذلك وأمضوه وانفضت اللجنة قبل انصراف الدواوين ...
عبدالتــواب : كلامك مطمئن يا "عبدالموجود أفندي"! ...
عبدالموجود : اكتب ... اكتب ... خلصنا من هذا الكشف .. لنصدره من هنا الليلة، ونستلمه غداً في الديوان ...
عبدالتــواب : ولماذا هذه السرعة؟! ... ضروري من تصديره الليلة؟ ..
عبدالموجود : ضروري ... اكتب ... الوزن ألف! ...
عبدالتــواب : بمناسبة الوزن ... هات سيجارة لوزن دماغي أولاً ...
عبدالموجود : لا يا سيدي ... لا يا حبيبي ... ليس عندنا وقت للكيف والمزاج واللعب والكسل ... نحن لسنا في مكاتبنا الحكومية ... نحن هنا في مكاتب الشركة! ...
عبدالتــواب : (يذعن وينحني على الورق) أمرك ... الوزن ألف طن!! ...
عبدالتــواب : (يكتب) الوزن ... ألف ... طن ...
(يلتفت إلى زميله) قل لي يا "عبدالموجود أفندي"!! ...
عبدالموجود : (يرفع عينيه عن السجل) نعم؟ ...
عبدالتــواب : البضاعة!! ..
عبدالموجود : مالها البضاعة؟ ..
عبدالتــواب : عاينتها؟ ..
عبدالموجود : (يشير إلى المكتب الذي فوقه الطربوش) "عاشور أفندي" قال إنه عاينها ..
عبدالتــواب : وقال إنها كلها "صاغ" سليمة؟! ...
عبدالموجود : سبحان الله في طبعك يا سي عبدالتواب! ...
عبدالتــواب : أنا ... كل غرضي ان المسألة تبقى مستورة ...
عبدالموجود : مستورة بإذن الله ... "جمد قلبك" ...
عبدالتــواب : كلامي له أصل ... وأنت فاهم ...
عبدالموجود : فاهم .. فاهم .. اكتب يا اخي .. دعنا ننتهي الليلة من تحرير هذا "الكشف" (ينظر في ساعته) الساعة الآن التاسعة .. وأنت عارف أنه ينتظرني بعد قليل موعد طرب في "الصالة" إياها ...
عبدالتــواب : لو كانت الشركة تلطف قليلاً من نسبة الفاسد في بضاعتها؟! ...
عبدالموجود : أتشفق على الحكومة؟! ...
عبدالتــواب : بل أشفق على نفسي ... وعليك .. علينا نحن كلنا الذين نستلم البضاعة باسم الحكومة، ونقر بأنها في حالة جيدة، ونوقع على ذلك بإمضاءاتنا ...
عبدالموجود : إمضاءاتنا ليست وحدها .. يا سيدي الفاضل ... أنسيت أنها متوجة بإمضاءات الوكيل والمدير والمراقب والسكرتير العام؟ ... و ... و ... إلى آخره .. إلى آخره ..
عبدالتــواب : ولو فرضنا أن مدير الإدارة العام خطر له ذات يوم أن يحضر بنفسه عملية الاستلام؟ ...
عبدالموجود : هذه العملية الطويلة العريضة! ... أهذا معقول؟ ... المدير دائماً عنده صداع ... ودائماً عنده لجنة ... وهو دائماً يكتفي بالنظر إلى إمضاء الوكيل .. فإذا رآها موجودة أمضى بجوارها بكل اطمئنان ...
عبدالتــواب : والوكيل؟ ... افرض أنه حضر يستلم؟ ...
عبدالموجود : أهذا معقول؟ ... هذا الوكيل "القرفان" دائماً ... المشغول بأخبار الترقيات، الساخط دائماً على المحسوبيات، التي جعلت كل من هب ودب يتخطاه ... أيمكن أن يستلم إذا كان مزاجه رائقاً، بغير الطريقة المعروفة؟ يطلب "ششني" فنسرع نحن ونقدم إليه "العينة" التي أعدتها الشركة لنا من أجود نوع .. فيلقي عليها نظرة عابرة. وينكب على الأوراق يوقع بالاستلام وهو ينفخ دخان سيجارته بضيق وملل، ويلقي في وجوهنا بالورق الممضي، وكأنه يقول: داهية لا ترجعكم أنتم والإدارة والبضاعة! ...
عبدالتــواب : واللجنة الأخيرة؟ ...
عبدالموجود : تقصد اللجنة التي شكلت للاستلام في الشهر الماضي؟ .. وشربوا القهوة، ودخنوا السجاير، وتحدثوا في آخر أخبار الصحف ... وجاء لهم "عاشور أفندي" بـ "العينة" إياها ... وقال لهم: "المخازن كلها تراب يخشى منه على الثياب" فقال بعض الأعضاء: "كل شئ إلا الثياب غالية في هذه الأيام" ... ونظر البعض الآخر في ساعاتهم ... ثم أقبلوا على "العينة" ففحصوها بسرعة وانتهوا جميعاً إلى أن البضاعة جيدة، وحرروا المحضر بذلك وأمضوه وانفضت اللجنة قبل انصراف الدواوين ...
عبدالتــواب : كلامك مطمئن يا "عبدالموجود أفندي"! ...
عبدالموجود : اكتب ... اكتب ... خلصنا من هذا الكشف .. لنصدره من هنا الليلة، ونستلمه غداً في الديوان ...
عبدالتــواب : ولماذا هذه السرعة؟! ... ضروري من تصديره الليلة؟ ..
عبدالموجود : ضروري ... اكتب ... الوزن ألف! ...
عبدالتــواب : بمناسبة الوزن ... هات سيجارة لوزن دماغي أولاً ...
عبدالموجود : لا يا سيدي ... لا يا حبيبي ... ليس عندنا وقت للكيف والمزاج واللعب والكسل ... نحن لسنا في مكاتبنا الحكومية ... نحن هنا في مكاتب الشركة! ...
عبدالتــواب : (يذعن وينحني على الورق) أمرك ... الوزن ألف طن!! ...
توفيق الحكيم
من "أعمال حرة"
TAFATEFO
إذا دخل الاستبداد من الباب، هربت الحرية والكرامة وحقوق الإنسان من النافذة، لأن الاستبداد لا يدخل وحده، وإنما يصحبه الإرهاب والبطش والترويع، عندئذٍ يتحول الناس إلى كائنات هلامية، حسبهم من الحياة أن يعيشوها في سكون، وأن ينتهي بقاؤهم فيها دون أن يمسهم طائف من العذاب.
إنها حياة أشبه بحياة القطيع .. ليس فيها من النشاط الإنساني سوى إشباع الغرائز .. أما إشباع العقل وغذاء الروح والارتقاء بالتفكير، فكلها أنشطة تخضع لسيطرة المستبد الذي يسعده أن تتحول الرعية إلى إمعات معدومة الشخصية .. تميل حيث تميل الريح .. ولا تسبح أبداً ضد التيار.
جمال بدوي
الطغاه والبغاه
TAFATEFO
نتفاءل أو لا نتفاءل .. نتشاءم أو لا نتشاءم .. ليست هذه هي المسألة، وإنما المسألة هي أن طريق التفاؤل معروف وطريق التشاؤم معروف، فلا تتحقق مصلحة الإنسانية إلا إذا عمل لها كل فرد من أفرادها، وهانت الشهادة من أجلها على خدامها، وتقدم الصفوف من يقدم على الاستشهاد ومن ورائه من يؤمن بالشهادة والشهداء.
عباس محمود العقاد
الحسين أبو الشهداء