كانت واحة العمر ألجأ إليها كلما نضب معين الخيال، وأتزود منها وبها بالقدرة على مواصلة اللهاث. وكان الوصول على مرمى حجر، وكأنني سأصحو في الغد لأجد الصباح فجرا ليس فجر يوم ولكن فجر عصر. عصر كامل تام يعود فيه الإنسان يحب بكل نهم وعمق وظمأ الحب، ويعيش وروعة الحياة يشربها مترعة قطرة وراءها قطرة، ولكل قطرة طعم، ولكل لحظة زمن تمر أشواق وصهللة ومعان ..
حياة أستمتع فيها إلى التعالي أني ابن .. مثلما أستمتع به إلى مهجة كبدي أني أب، تأخذني الأم إلى أعمق أحضانها ترضعني خلاصة الأنوثة وأرتشف وأنا أضمها نعناع أني ولد وخمرة أني رجل.حياة أنا فيها محب محبوب، عاشق معشوق، مؤثر ومغير، ومتأثر ومتغير، ودائما إلى الأعلى والأروع. حياة . حياة . أتعرفون ما هي الحياة؟
..
..
..
إن الحياة - هكذا أراها - ليست لعبة أضيعها مصغيا لهذا أو موليا أذني لذاك .. الحياة حياتي والقرار قراري، وكم من أمور تكاد تكون قتالة فعلتها دون ذرة تردد وحتى لو كادت - أو بعضها فعلا - ضيعني ، دون ذرة ندم.
يوسف إدريس : "يموت الزمار" من مجموعة "اقتلها"
حبه حول اشرج وخرج منها سايل