
..وجعل رئيسنا (ج) يقول لنا كلما اجتمعنا :
-        حقا إنكم لرجال !
أو يقول :
-        سيرحل الشر عما قليل فقد يأس من الأرض.
وكان ذا حلم يشجع على المناقشة فقلت له ذات مرة :
-        أما آن لي أن ألقى الرئيس؟
فقطب في غير غضب وسألني في عتاب :
-        أيداخلك شك في عدالة تقديري؟
فقلت بسرعة وصدق :
-        معاذ الله يا سيدي.
-        ألا يكفيك ما أنت في شغل به؟
فقلت بتوسل :
-        أصبحت يا سيدي وكأنني من مجانين العشق.
فضحك ضحكة خفيفة وقال :
-        من يدري؟ لعلك رأيته وأنت لا تدري.
فرمقته بذهول غير مصدق .. فقال :
-   إنه - على مدى علمي - لا يعيش في برج عاجي، ولكنه يمارس حياته بين الناس، وربما غشى الأماكن التي تجوبها للعمل أو الراحة ..
فقلت منكرا :
-        لو لمحته للفت نظري بقوة شخصيته.
فقال باسما :
-       ما أكثر الأشياء الجديرة بجذب الأنظار لولا انغماسنا في الأمور العابرة ..
رددت قوله على مسمع قلبي طويلا، وكدت أشغل به عن كل شئ .......
نجيب محفوظ
قصة "التنظيم السري " من مجموعة " التنظيم السري "
