![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhKYpdcZitNUjKNaLjAY1lKrKmin7kX9Bz1vrc7eeAUKcVEy7KiP79M2QTZJUqJUCsiSlcBxibgZkjQruY4zZm5UfodR4rE59x5NvRP_F953OAIDjVsZxfQNoFyRr55KxzSltI6O6yTC3R9/s320/Eclipse+on+Flower.jpg)
كان يبدو زكأن مجموعة من المبادئ الأخلاقية والقانونية استقرت في ذهنه ولا يستطيع أن ينساها. هي في نظره من البديهيات ويدهشه ألا يراها الناس كذلك. من هذه البديهيات مثلاً أن الوزراء جميعاً مسئولون مسئولية تضامنية عما يفعله بقية الوزراء ورئيس الوزراء. ليس هناك شخص أكبر من أن يقال له أخطأت إذا أخطأ. لا فائدة من جمع المال إذا جاء من طريق غير شريف. حاجة الإنسان إلى المال هي في الحقيقة محدودة، فحاجات الإنسان الحقيقية قليلة. لا يمكن أن يرفع المنصب الكبير شخصاً صغيراً، ولا الخروج من المنصب يجعل الكبير صغيرا. إذا قمت بعمل لأن هذا هو ما أملاه عليك ضميرك فلن يزيدك شرفاً إشادة الناس بعملك، ولن يقلل من شرفك أن أحداً لم يشد به أو يذكره. لا فائدة من الطنطنة وعلو الصوت في قول الحق، لأن الحق واضح بنفسه، ولا يحتاج إلى مكبر للصوت.
وهكذا كان يفاجئنا الدكتور حلمي مراد، المرة بعد الأخرى، بمقال يذكر فيه الناس بأشياء كانت في الماضي تعامل كبديهيات ثم نسيها الجميع، مثل: أن الجامعة مكان لتلقي العلم وتوصيله للناس وليس لتحقيق الربح، أو أن القرارات المهمة في حياة البلد يجب أن تعرض على الناس للمناقشة قبل اتخاذها، أو أن الوزير الذي يُعطَى هدية من دولة أجنبية يجب ألا يحتفظ بهذه الهدية لنفسه بل عليه أن يسلمها للدولة لأنه لم يحصل عليها لشخصه بل بحكم منصبه، أو أن الوزير النظيف أفضل من الوزير غير النظيف، أو أن الزعم بالتصدي للفساد يتناقض مع تقييد حرية الصحافة .. إلى آخر هذه البديهيات التي يراها حلمي مراد واضحة كالشمس ويرفض القول بأنها من مخلفات الماضي وأن عليه أن ينساها.
ماذا علمتني الحياة
جلال أمين
جهد مشكور بالتوفيق