TAFATEFO
آمال محطمة
طريق أحمد إلى الجمود بدأ منذ سنوات، في المدرسة.

مثل معظم المصريين الذين تعلموا في المدارس الحكومية، كانت مسيرة دراسته تعتمد كليا على الدرجات التي يحصل عليها في الاختبارات. لم يكن أحمد طالبا جادا، يهرب من المدرسة كثيرا، لكنه حصل على مجموع يمكنه من الالتحاق بأحد الأكاديميات. لتحق ببرنامج لمدة خمس سنوات لدراسة السياحة والفندقة.

لم تؤهله هذه الدبلوما لشئ غير البطالة. يقول خبراء في التعليم أنه على الرغم من أن مصر قد أخرجت كثير من المواطنين من ظلمات الأمية، فنظامها التعليمي لا يعد الشباب للعمل في عالم متقدم. ولايوفر اقتصادها عدد كاف من الوظائف ذات الرواتب الجيدة لتسمح للشباب بتحمل تكاليف الزواج.

نظام التعليم المصري وضع بالأساس لتخريج عاملين للحكومة وفقا للعهد الذي قطعه الرئيس جمال عبدالناصر مع المجتمع في الأيام الأولى من رئاسته في أواخر الخمسينيات والستينيات.

كل خريج منح وظيفة حكومية، وعائلات الفلاحين منحت لأول مرة فرصة المشاركة في الحراك الاجتماعي من خلال التعليم. الآن أبناء الفلاحين الأميين حاصلون على درجات علمية في الهندسة والقانون والتجارة. لا زال حلم هذا الحراك الإجتماعي قائما، لكن لا توجد وظائف حكومية كافية لهذا السيل من الخريجين. والعديد منهم غير مؤهلين للعمل في وظائف القطاع الخاص الموجودة، ويقول مسؤولوا الحكومة والأعمال أن ذلك يرجع لضعف مستوى تعليمهم. فطلاب التجارة -مثلا- لم يلمسوا الكمبيوتر مطلقا.

في الغالب يستغرق الأمر أعواما عديدة ليحصل الخريجون على وظيفتهم الأولى، ويرجع هذا -جزئيا- إلى أنهم يفضلون أن يظلوا عاطلين على أن يشتغلوا عمالا في المصانع. يعتبر ذلك ضربة لشرف العائلة إذا اشتغل الخريج كعامل في المصنع، مما يترك أعدادا كبيرة من الشباب بلا شئ يقومون به.

"اتفقنا، هو جامعي"، هكذا قال محمد السويدي، الذي يدير مجلسا حكوميا حاول من خلال الإعلانات التليفيزيونية إقناع خريجي الجامعات بالعمل في المصانع ووفر لهم التدريب اللازم لمساعدتهم على تحسين مهاراتهم. وأضاف "لقد انتهى ذلك الأمر وعليك نسيانه. هذا هو الواقع."

إلا أن الانتشار الواسع للالتحاق بالتعليم قد زاد من الطموحات. يقول جلال أمين، عالم الاقتصاد ومؤلف كتاب "ماذا حدث للمصريين؟"، "الفقراء كانوا أكثر تحملا للحياة حينما قبلوا بوضعهم الإجتماعي"، "لكن من غير المعقول عندما تكون متعلما أن تقبل بهذه الفكرة. الاحباط يفتح الباب للتدين".

بطرق عديدة، ينطبق ذلك على أحمد.

"ماذا تعتقد؟ بالطبع أشعر بالملل"، يقول أحمد ذلك محاولا ألا تغيب ابتسامته المصطنعه التي يطبعها على وجهه عندما يتحدث عن حياته الجامده. "عندما أقترب من الله، أشعر بأشياء جيدة في حياتي".

يصر على أن عدم حصوله على وظيفة بأحد الفنادق لم يضايقه أبدا. ويقول "لا يريد أحد من المصلين وظيفة فاسدة في أحد الفنادق"، مشيرا إلى الكحوليات ولحم الخنزير الذي يقدم في مثل هذه المؤسسات ولكنها محظورة بموجب الشريعة. إلا أنه أقر بعد ذلك، "نعم؛ بالطبع أردت العمل في مجال السياحة".
تحقيق نشرته the NewYork Times في فبراير 2008
كتبه Micheal Slackman -منال النجار
0 تعليقات