TAFATEFO


من نافذة صغيرة عالية قبيل القبو يلوح أحيانا وجه أبيض كالقمر، أراه من موقعي في نافذة بيتنا الصغير المطلة على الحارة فأهيم رغم طفولتي في سحر جماله، وقد أسمع صوته الرخيم وهو يبادل أمي التحية إذا خلت الحارة من المارة فلعله بث في روحي حب الغناء، فاطمة العمري، حلم الطفولة المجهول، وموعد اللقاء النافذة، وإذا توارت يوما فإنما لتلقنني الألم قبل أوانه. وكلما غابت حدجت أمي بنظرة عتاب كأنما هي المسئولة عن غيابها فتضحك طويلا وتحكي لأم أحمد عن العاشق الصغير فتتلقف الخبر لتزفه إلى فاطمة ثم ترجع إلينا برسالة سعيدة أن أشد حيلي وأنها ستنتظر عريس الهنا مهما يطل الانتظار. ثم تقول:

  • ولكنك تحب أمها أيضا فما حكايتك؟

نجيب محفوظ

قصة "أم أحمد" من مجموعة "صباح الورد"


0 تعليقات